Mot du Supérieur

أيّتها الحكماويّات أيّها الحكماويّون،

 

نجتمعُ اليومَ لنحتفلَ بذكرى عيدِ استقلالِ وطنِنا الحبيب لبنان، ولا بدّ لنا في هذه الذكرى أن نستذكرَ تلك القِيم التي ساهمت في تحقيق الاستقلال عام 1943. لعلَّ أهمَّها كان الرغبة في التّحرُّرِ منْ أيِّ هَيْمَنةٍ خارجيّةٍ أو من أيِّ تدخُّلٍ خارجيٍّ وقدِ اصطفَّ رجالاتُ الاستقلال حينَها جنبًا الى جنبٍ مُحاولين انتزاعَ الحريّة منَ الهَيْمنة الخارجيّةِ أيِ الانتداب وإن لم يكونوا في موقعِ قوّةٍ، ولكنّهم حاولوا ونجحوا فكان النّصرُ حليفَهم. ولكنَّ هذه الحالةَ قد لا تنجحُ دائمًا وسأعطي مثالًا على ذلك من التّاريخ البعيد الذي لربّما نسَيْناه أو غاب عنّا بسبب كثرة التلوّث السمعيّ والبصريّ الذي تُتْحفُنا به وسائلُ التّواصلِ... وما أكثرَها اليوم:

سنة  332 ق.م. قام سكّانُ الأرضِ نفسِها، التي نحتفلُ اليومَ باستقلالِها عنِ الفرنسيّين، بحرق أنفسهم في مدينة صور العريقة كي لا يدخلُها المحتلُّ والغاصِب. لقد رفضَ أولئك الفينيقيّون سكّان مدينة صور أن يخضعوا للاحتلال الغريب وقبلوا أن يحاصَروا لمدّةٍ طويلة منَ الزّمن في جزيرتهم مقابل أن يحافظوا على حريّتهم وكرامتهم، وألّا يخضعوا، لا بالتّرهيب والتّهديد ولا بالتّرغيب، من خلال الأموال التي عُرِضَت عليهم لكي يستسلموا ويسلّموا مدينتهم للفاتِح والغازي. لم يقبلوا أن يبيعوا حريّتَهم وكرامتَهم مقابل حَفْنةٍ من المال أو مقابل أيّة مغريات، وفي النّهاية فضَّلوا الموتَ على الخضوع للمحتلّ فأحرقوا أنفسَهم في قلب المدينة ودخل الإسكندر المقدوني العظيم ولم يلقَ هناك إلا رماد أولئك الأبطال الذين لم يستطع أن يهزِمَهم.

خُلاصة الكلام، الوطن لكم وأنتم منه وله! واليوم في ذكرى الاستقلال، التي نستذكر فيها كلَّ محاولاتِ الاستقلال التي لم تتوقّف على مدار تاريخ هذه البقعة من الأرض، نؤكّدُ أنّنا وَرَثَةُ شعبٍ عشق الحريّةَ وناضلَ من أجلها ومن أجل كرامته ورفض الخضوع لأيّ احتلالٍ حتى لو كان في موقع الضّعف، فعندما نجح احتفل وعندما فشِل نال إكليلَ شرفِ المحاولة. وها نحن اليومَ في الحكمة ننشئكُم على هذه المبادئ نفسِها:

أيّتها الحكماويّات أيّها الحكماويّون،

لا تقبلوا أن تكونوا أقلَّ من عشّاقٍ للحرّيّة ولا تبيعوا ما لا يُثَمّن بحَفْنةٍ منَ المال. قد يعتبركم البعض مجانينَ أو معتوهين أو مثاليّين إن جاهدْتُم من أجل المبادئ التي نُربّيكم عليها في هذه المدرسة كالكرامة والحرّيّة، فلا تأبهوا لما يقولونَهُ لأنّ من يعِشْ من دونِ كرامة وتحت نير الاستعباد مهما تغيّر شكلُه لن يفهمَ ما أنتم تعيشونَهُ، لا بل سيسخرُ منكم ويجعلكم أضحوكة.

إنّ من شاب على التّلوّي والتّحايُل وتبريرهما متذرِّعًا بالظروف وبموازين القِوى، لن يفهمَ صدقَكم وثباتَكم في الحقّ ودفاعَكم عنِ المظلوم، ورسوخَكم في القيم التي نشأتم عليها فأصبحت أساسَ حياتِكم ووجودِكم.

 أيّتها الحكماويّات أيّها الحكماويّون،

لا تقبلوا أن تبيعوا ما لا يُثمَّن بباخِس المغريات لأنّكم إذا فعلتموها ولو لمرّةٍ واحدةٍ فقد تخسرونَها إلى الأبد.

أنتم لبنانُ الغد، أنتم بُناةُ المستقبل المشرق، أنتم أملُ أجيالٍ قد ملّتِ الخنوعَ والمساوماتِ وشتّى أنواعِ الانبطاح،

أنتم لبنانُ المبادئِ والقيم، أنتم نساءُ الحقّ ورجالُهُ ، أنتمُ المدافعون عنِ الحريّةِ الحقيقيّة التي لا تقبلُ أن تخرجَ عنِ الحقيقة.

فكونوا صوتَ الحقِّ ولو بقيتُم لوحدِكم ولو خذلَكم جميع الأحبّاء والأصدقاء، تذكّروا دومًا "تعرفون الحقَّ والحقُّ يُحرِّرُكم". وهل هناك أغلى من الحرّيّة؟؟؟

كونوا صوتَ الضمير في المحبّةِ مهما حاولوا إسكاتَكم أو قمعَكم!

انصروا المظلومَ مهما كان لونُه أو عرقُه أو دينُه!

دافعوا عنِ المُهمّشين والمَرذولين!

ولا تنسَوا أن تحبّوا جميعَ الناس إن أمكن!

ها هو لبنانُ الغدِ في انتظارِكم وها نحنُ جميعًا نعلّق عليكم الآمالَ فلا تخيّبوا الظّنَّ!

عشتم

عاشتِ الحكمة برازيليا وعاش لبنان

 

 

100%
admis aux universités
1739
élèves
1008
familles
247
professeurs et employés